تعزز البرامج الشعور المشترك بأن جميع المجموعات جزء من مجتمع تعددي مشترك. قد لا يكون الرعاة من سكان المجتمعات التي يمرون بها أثناء الهجرة، إلا أنهم جهات فاعلة يمكن التنبؤ بها في المشهد كمقدمي خدمات أو شركاء تجاريين. ومع ذلك، غالباً ما يُنظر إليهم من عدة أطراف وليس فقط من قبل المجتمعات المستقرة على أنهم “غرباء”. حيث يميل العديد من الرعاة إلى تعريف أنفسهم على أنهم خارج أي هوية وطنية، لأن استقلالهم وبُعدهم عن الحياة المستقرة جزء لا يتجزأ من أسلوب حياتهم وثقافتهم. ورغم أن الاعتراف بكيفية اختيار هذه المجتمعات لرؤية نفسها هو أمر هام للغاية، إلا أنه لا ينبغي تأطير التدخلات بين الأفراد وحصرها في نطاق ربط السكان المستقرين بــ “الغرباء”. وبدلاً من ذلك، فإن هذه التدخلات تمثل فرصة لتقدير أن جميع الشعوب المختلفة والمتنوعة التي تعيش في المسطحات الخضراء هي جزء من مجتمع مشترك يمارس فيه الناس ممارسات ثقافية وأنماط حياة مختلفة. وعلى منفذي البرنامج أن يساعدوا أيضاً في ضمان تمثيل الفئات المهمشة، مثل الرعاة، طوال دورة البرنامج، بما في ذلك استهداف التنوع في الموظفين المحليين من خلال توظيف أفراد من مجموعات عرقية ودينية ومعيشية متنوعة.

تعزز البرامج الخدمات التي تعود بالنفع المتبادل على السكان المستقرين والبدو. على المتدخلين تحديد وتأكيد الخدمات الأساسية الأخرى المطلوبة عبر المجتمعات المنقسمة – الأسواق المحلية، والأحداث الثقافية، والخدمات البيطرية – والاستفادة من تلك المساحات، وغالباً ما تكون هذه المساحات بعيدة عن المراكز السكانية حيث يتواجد منفذو البرامج بشكل عام وقد تتطلب تجهيزات إضافية للسفر والأمن للوصول إلى المناطق النائية.

المتدخلون يتبنون وجهة نظر طويلة المدى. يتم تحديد فرص ربط السكان الذين يتنقلون بشكل كبير مع المجموعات المستقرة من خلال التقلبات الموسمية وأنماط العنف ومواقيت الأسواق ومواقعها. وبالنظر إلى عدم القدرة على التنبؤ، سوف تحتاج التدخلات إلى أفق زمني أطول ووجود متعدد البلدان من أجل التخطيط والمشاركة الناجحة بين الشعوب. كما أن أدوات التمويل الرشيقة ودورات التخطيط المرنة تعتبر أيضاً عناصر أساسية.

تحتفل البرامج بالتنوع بين المجتمعات التي تشترك في المراعي في إفريقيا وتعترف بتاريخها المشترك. ينبغي للجهود المبذولة للاحتفال بالتراث الثقافي أن تتيح فرصاً للرعاة وغيرهم من الجماعات للاحتفال بتميزهم. حيث قد تشترك المجتمعات الريفية في المسطحات الخضراء والموارد، لكن تجاربها وعاداتها وتقاليدها فريدة من نوعها. ونادراً ما تتهيأ لها الفرصة للاجتماع والمشاركة بهذه الطريقة، أو للتعلم مباشرة من الآخرين عن أنفسهم. إن عرض التقاليد المتنوعة للرعاة أو المزارعين أو الصيادين الذين يتشاركون التضاريس البعيدة من خلال المهرجانات الثقافية أو الفعاليات المجتمعية يمكن أن يساعد المشاركين على إدراك الاختلافات وإيصال فهمهم لذاتهم.

تعترف البرامج بالتنوع بين الرعاة. غالباً ما ينظر خطأً للمجموعات الرعوية على أنها متجانسة، إلا أنها متنوعة بشكل كبير في ممارساتها ووجهات نظرها للعالم. ففي بعض الحالات، قد تكون هذه الاختلافات مصدراً للنزاع داخل المجموعات – فالرعاة المستقرين يشغلون في كثير من الأحيان مناصب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أكثر من نظرائهم الأكثر ترحالاً. فينبغي للاحتفالات بالتراث الثقافي أن تستوعب هذا التنوع بدلاً من تضمين عينة صغيرة غير ممثلة.

تستخدم البرامج قنوات اتصال مألوفة ويثق بها الرعاة. حتى بين من هم خارج نطاق خدمات الهاتف أو الإنترنت، ويبقى الاتصال بعيد المدى ممكناً، مثل استخدام بطاقات (SD) للهواتف المحمولة. وقد تقتصر تقنيات الاتصال التناظرية بعيدة المدى التي يستخدمها الأشخاص الذين ليس لديهم وصول إلى الاتصالات السلكية واللاسلكية على الكلام الشفهي (الكشافة والمراسلين)، ولكن هذا لا يجعلها أقل فعالية. يجب على المتدخلين التركيز على تحديد واستخدام قنوات الاتصال المستخدمة والتحقق من صحة هذه الممارسات مع الرعاة.

تنشئ البرامج قنوات لتبادل المعلومات بانتظام. يعتبر الاتصال المتسق مكوناً رئيسياً في إدارة الموارد في المسطحات الخضراء المشتركة، وهو ما يمثل تحدياً للمجتمعات التي لديها اتصالات غير متكررة. وعندما تكون خدمات الاتصالات متاحة، قد تشجع البرامج الروابط المباشرة بين القادة المتنقلين والمستقرين. إذ يمكن لزعماء الرعاة تنبيه زعيم القرية المجاورة عندما تكون الماشية في المنطقة المجاورة. فإذا بدأت القطعان في الدوس على المحاصيل المحلية أو أكلها، فيمكن إرسال الشكاوى ومعالجتها بسرعة. ويمكن كذلك مشاركة المعلومات المتعلقة بموضوعات مثل توقيت الهجرة والمسارات عبر البرامج الإذاعية أو غيرها من وسائل الإعلام، في المناطق ذات التغطية الهاتفية الضعيفة. وعلى الرغم من أن هذا النوع من مشاركة المعلومات سيكون أكثر فاعلية عندما يكون مصحوباً بالتواصل وجهاً لوجه، يمكن أيضاً استخدام أدوات الاتصال للأغراض التعليمية (مثل برامج محو الأمية القائمة على الراديو التي تديرها اللجنة الوطنية النيجيرية للتعليم البدوي).

يسعى المسؤولون لوجهات نظر متنوعة. إن النزاعات المتجذرة في ممارسات الكفاف، مثل الإنتاج الحيواني والزراعة متغلغلة إلى جوهر الهوية الثقافية ويمكن أن تثير مشاعر قوية يتردد صداها خارج الأطراف المباشرة المعنية.

يمكن أن تصبح الرسائل العامة حول هذه النزاعات مختزلة ومستقطبة بسهولة من قبل أولئك الموجودين في العواصم أو المناطق الحضرية حيث يتم تضخيم المعلومات المضللة في وسائل الإعلام. لكن الروايات التي تنتشر في وسائل الإعلام أو من قبل الشخصيات البارزة قد لا تعكس بدقة التجربة المعيشية للرعاة أو سكان المناطق الريفية النائية. يتعين على الصحفيين والدبلوماسيين والشخصيات العامة إعطاء الأولوية لمجموعة من الأصوات – دون أن ينحصر ذلك في الرعاة فقط وإنما لجميع أولئك الموجودين في المناطق المحيطة – للوصول إلى أحكام أو استنتاجات حول أحداث النزاع المتعلقة بالرعي.

تعترف الرسائل العامة بالدوافع المتعددة للنزاع وتتعاطف مع ضحايا العنف. كما هو موضح في مجموعة الأدوات هذه، غالباً ما تكون النزاعات المتعلقة بالرعي مدفوعة بعوامل وأسباب متعددة ومتداخلة، من سياسات استخدام الأراضي إلى الحركات العرقية والقومية.

إن عزل سبب واحد من أسباب النزاع مع إهمال الأسباب الأخرى يمكن أن يوحي إلى مجتمعات معينة بأن تجاربهم أو المظالم الخاصة بهم غير مهمة. فالتركيز بشكل ضيق على النشاط الإجرامي، على سبيل المثال، يعني صرف النظر عن المخاوف المشروعة للسكان المستبعدين من الموارد لأسباب عرقية. كما ينبغي للرسائل العامة أن تقر بالطبيعة المتداخلة والتاريخية لهذه النزاعات دون أن تتجاهل واجب الحكومة في تأمين السلامة والحقوق والوصول إلى الخدمات لجميع المواطنين.

البرامج مبنية على الممارسات والقيادة العرفية القائمة. لدى معظم الجماعات الرعوية ممارسات راسخة للتعامل مع النزاعات منخفضة المستوى فيما بينها ومع المجموعات الأخرى. وقد يشمل ذلك، على سبيل المثال، وضع خطط تعويض لسرقة الماشية أو تلف المحاصيل والتي تديرها المحاكم العرفية. حيث ينبغي للبرامج حيثما أمكن، أن تتطلع إلى استكمال هذه الأنظمة والبناء عليها، بدلاً من إنشاء آليات جديدة منافسة. ومع ذلك، لا يوجد دائماً نظام واحد يصلح لجميع الشركاء. فقد يفضل الرعاة، على سبيل المثال، حل النزاعات من خلال الوساطة بين الزعماء التقليديين الذين سيعترفون بمطالبهم الحالية بالحصول على المياه العامة أو موارد الرعي، بينما قد ترغب المجتمعات المستقرة في اللجوء إلى الشرطة التي من المرجح أن تكون قراراتها في صالح المواطنين المستقرين.

يقوم المتدخلون ببناء شراكات مع الجهات الفاعلة في التنمية والحفظ والأمن. غالباً ما تكون النزاعات التي تُحال إلى الوسطاء المحليين أو المحاكم العرفية متجذرة في توترات أكثر جوهرية حول استخدام الأراضي المشاع، أو التنقل عبر الحدود، أو النهب من قبل الجماعات المسلحة. فعلى سبيل المثال، سلط تحليل عام ٢٠٢٠ لمنطقة ليبتاكو غورما الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة الضوء على مبيعات الأراضي والمضاربة على العقارات كسبب رئيسي لانهيار آليات حل النزاعات التقليدية في تلك المنطقة[١]. كما يمكن للوسطاء المحليين تقديم حلول قصيرة الأمد، لكنهم لا يمتلكون في كثير من الأحيان القدرة على معالجة القضايا النظامية التي تسبب النزاع وتديمه. إن تصميم البرامج التي تهدف إلى إحداث تأثير تحولي على النزاع يجب أن تصمم وتنفذ بالتعاون الوثيق مع المتدخلين الآخرين الذين يدعمون إصلاح حيازة الأراضي، أو تيسير تقديم الخدمات للمجتمعات الرعوية، أو التأثير على الاستثمار التجاري في قطاع الثروة الحيوانية.

[١] منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. تحليل النزاعات المتعلقة بالموارد الطبيعية في منطقة ليبتاكو-غورما: نتائج ثلاثة تحليلات للصراع أجريت في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، منظمة الأغذية والزراعة (روما: ٢٠٢٠)